أحساس مرهف المشرف العام
عدد الرسائل : 253 تاريخ التسجيل : 01/04/2008
| موضوع: مختارات من شعر الشاعر المرهف فيديريكو جارسيا لوركـا الثلاثاء أبريل 29, 2008 8:08 pm | |
| تقديم: الأستاذ أحمد حشاش ترجمة: الأستاذ علي المك
فيديريكو جارسيا لوركا/ Federico Garcia Lorca
(ولد الطفل الموهوب «فدريكو جارسيا لوركا» في الخامس من يونيو عام 1898، لوالدين اسبانيين في منطقة فيونيت فاجووس.. في غرناطة، والده كان مزارعاً ثرياً والأم كانت معلمة أخذت على عاتقها تعليمه النطق والكلام، لأنه وجد فيهما صعوبة بأول حياته لرهافة حسّه التي مكنته وهو ابن الحادية عشرة أن يعزف لالنز وبيتهوفن.. بعد متابعة أستاذه لميوله الموسيقية في مدرسة ألميريا، وقد تعرض لوركا لمرض شديد في تلك الفترة، أصاب فمه وحنجرته كاد يودي بحياته، ورغم سوار الموت المبكر الذي أحاط به، بقيت الابتسامة صديقته والدعابة رفيقة دربه المليء بالنضوج والموهبة.
فقد كان لوركا شحنة متوقدة من العاطفة والمشاعر المرهفة، فأظهر اهتمامه بالموسيقى مبكراً، وخص مسرح الدمى والعرائس باهتمام كبير، فضّله عن غيره من الاهتمامات الفنية لديه، والتي تكللت بعمل أدبي كبير أنجزه وهو في الجامعة يدرس الحقوق والآداب، ضمّنه معلومات كثيرة حصل عليها من رحلاته، استعان بها أيضاً في كتابه: انطباعات على الطريق عندما بلغ عشرين عاماً، بدأ بعدها التجوال بين غرناطة ومدريد خلال عشر سنوات، تعرّف خلالها على أصدقاء أصبحوا من المشاهير ملأ ذكرهم الآفاق، منهم «سلفادور دالي» و«ألكسندر رافييل البرت» و«لويس جونيل» و«بابلو نيرودا». وقد أسس في تلك الفترة مجلة «جالو» في غرناطة لكنها لم تدم طويلاً، وكان زمانه وأصدقاؤه من الفنانين الشباب هم حياته وحبه الكبير.
...... ومع مرور الزمن أخذ لوركا بالتغير وتفهم الحياة أكثر ، وأصبح ينظر إليها من منظار الحقيقة الحية «في هذا الزمن المأساوي في العالم، يجب على الفنان أن يضحك ويبكي جمهوره، ويجب أن يترك الزنبق الأبيض مغموراً حتى وسطه بالوحل، وذلك لمساندة الذين يبحثون عنه».
هذه التعرية الكاملة للزمن، النابعة من شاعريته المتوقدة المنتفضة، جعلته يسافر من مدريد الى غرناطة التي تغلي سياسياً آنذاك وتنبئ بحدوث انتفاضة.. ومع وصول لوركا إليها، اندلعت النيران العنيفة واعتقل صهر لوركا محافظ مدينة غرناطة وعدد من أقربائه الاشتراكيين لأنهم أيّدوا الانتفاضة.. في هذه الفترة كان لوركا في منزله «بسان فينست»، وقد فتش أكثر من مرة ولم يعثر على شيء ضده، رغم أنه ضرب وعنّف أثناء التفتيش، وقد أبعد من قبل أسرته إلى منزل الشاعر «روزال» ربيب لأسرة الكتائبية المناهضة، والتي كان لها دور فعال في غرناطة، وكان لوركا يلتقي بالكثير من المناهضين ويتحدث إليهم.
وفي يوم 15 أغسطس 1936،أصدرت الحكومة قرارها بالقبض عليه، وتم ذلك رغم تدخل الكثير من أصدقائه لأجل الإفراج عنه. ولكن العصابات «الفالانج» نفذت بعد اعتقاله حكمها بالإعدام في بناء «كولونيا» به وبخمسة آخرين، اثنان منهم من مثيري الشغب ومدرس، ولصان أحدهما يدعى «تبريريل»، وبعد طلقات الفرقة الفاشية الغادرة عند فجر السابع عشر من أغسطس، أسدل الستار على مسرح حياة الشاعر الاسباني الكبير «فيدريكو جارسيا لوركا»، ليبقى في قلوب الأحرار رمزاً طاهراً من رموز الحرية في العالم ولتبقى: «استريا الغجرية تقف أمام بابها. ) | |
|
أحساس مرهف المشرف العام
عدد الرسائل : 253 تاريخ التسجيل : 01/04/2008
| موضوع: رد: مختارات من شعر الشاعر المرهف فيديريكو جارسيا لوركـا الثلاثاء أبريل 29, 2008 8:09 pm | |
| (1) أغنية ماء البحر
البحر من بعيد يبتسم أسنانه زبد والشفاه من سماء
وأنت يا فتاة كدرة المزاج نهداك صوب الريح ما بضاعتك ؟ سيدي : أني أبيع ماء البحر
وأنت أيها الأسمر الفتى ما الذي لديك بالدماء يمتزج ؟ سيدي ذاك ماء البحر
وأنت يا أماه من أين تأتي دموع الملح ؟ سيدي أنما أبكي بماء البحر ويا قلب وانت،ثم هذا القبر من أين ينبع الأسى ؟ أجاج ماء البحر
البحر من بعيد يبتسم أسنانه زبد والشفاه من سماء
(2) غرة الصباح
وكمثل الحب فالرماة عميان في الليل الأخضر آثار السهام الدافئات زنابق
سفينة القمر تحيل السحاب مزقا والكنانات ملؤها الندى آه ، كمثل الحب الرماة عميان
(3) تضريعات
مياه الهواء ساكنة تحت غصن الصدى
مياه المياه ساكنة تحت سعف النجوم مياه ثغرك ساكنة وتحتها من القبلات أجمة
(4) أغنية المسافر
قرطبة .. نائية وحيدة مهر أسود ، قمر ضخم وفي خرج السرج الزيتون
ورغم أني أعرف الطريق .. فلا سبيل أبلغ قرطبة عبر السهل ، عبر الريح سهر أسود ، قمر أحمر والردى إلى ناظر من على قلاع قرطبة
آه ألا ما أطول الطريق آه ، أيا مهري الشجاع آه ، فذلك الموت ينتظر قبل بلوغ غرطبة ..
قرطبة .. نائية وحيدة ..
(5) حقيقة الأمر
ما أعظمه من جهد أن أهواك كما أهواك
بسبب هواك تعذبني الأنسام وقلبي .. تؤلمني قبعتي ..
من مني يبتاع وشاحي هذا وحزني ذاك وقد صيغ من الكتان الأبيض كيما يجعله مناديل
ما أعظمه من جهد أن أهواك كما أهواك
............
القيثارة
يبدأ بكاء القيثارة. تتكسر أقداح الفجر. يبدأ بكاء القيثارة غير مجد أن نسكتها. تبكي رتيبة، كما تبكي المياه، كما تبكي الريح، فوق الثلج المتساقط ، من المستحيل أن نسكتها. تبكي أشياء بعيدة. رمل الجنوب الساخن ، متعطش لكاميليا بيضاء . تبكي سهماً بلا هدف، عشية بلا غد والعصفور الأول الميت فوق الغصن. أوه! يا قيثارة! يا قلباً جريحاً حتى الموت، بخمس سيوف.
ثلاث مدن مالقية
يدخل الموت ويخرج، من الخمارة. تمر أحصنة سوداء، وناس مشؤومون، عبر الدروب الغامضة للقيثارة. وهناك رائحة ملح، ودم لأنثى! في السنابل المحمومة، لشاطئ هذا البحر. الموت يدخل ويخرج، ويخرج ويدخل موت الخمارة.
حي من قرطبة
قولي ليلي يحتمون في البيت، من النجوم. ينهار الليل. في الداخل، هناك طفلة ميتة، و وردة حمراء، مخبأة في شعرها. يبكيها ست بلابل، في الشباك الحديدي. يتنهد الناس، وقيثاراتهم ناحبة.
رقصة
ترقص كارمن ، في شوارع إشبيلية. شعرها أبيض، وبؤبؤ عينيها براق. يا طفلات، أسدلن الستائر! تلتف حول رأسها أفعى صفراء، وتمضي حالمة بالرقص، مع عشاق لأيام مضت. يا طفلات ، أسدلن الستائر! الشوارع مقفرة، وفي أعماقها نتبين قلوباً أندلسية، باحثة عن أشواك عتيقة. يا طفلات، أسدلن الستائر!
شجيرة يابسة
شجيرة ، شجيرة يابسة وخضراء. الطفلة جميلة الوجه تقطف زيتوناً الريح ـ عاشقة الأبراج ـ أمسكت بها من الخصر. مر فرسان أربعة، يمتطون مهوراً أندلسية، يرتدون أزياء زرقاء وخضراء، ومعاطف طويلة عتمة. "ـ تعالي إلى غرناطة يا صبية " لا تستمع إليهم الطفلة. مر ثلاث مصارعي ثيران شباب، هيف الخصور، يرتدون أزياء بلون الليمون، ويحملون سيوفاً من فضة عتيقة. "ـ تعالي إلى إشبيلية، يا صبية" لا تستمع إليهم الطفلة. عندما أصبحت العشية بنفسجية، وضوؤها مبهم، مر فتى كان يحمل وروداً وريحان قمر " ـ تعالي إلى غرناطة يا صبية" لا تستمع إليه الطفلة. ظلت الطفلة جميلة الوجه تقطف زيتوناً والذراع الرمادي للريح، يزنرها من الخصر شجيرة، شجيرة يابسة وخضراء.
غزالة الحب اليائس
لا يريد الليل أن يأتي، حتى لا تأتي، ولا أستطيع أنا الذهاب إليك. إلا أني سأذهب، رغم أن شمس عقارب تحرق صدغي. إلا أنك ستأتين، بلسان محروق من مطر الملح. لا يريد النهار أن يطلع ، حتى لا تأتي، ولا أستطيع أنا الذهاب إليك. لكني سأذهب، مسلماً لضفادع البرّ قرنفلي المعضوض. لكنك ستأتين، عبر المواخير الكدرة للعتمة. لا يريد الليل ولا النهار أن يأتيا، حتى أموت من أجلك، وتموتين من أجلي.
غزالة الجذر المر
هناك جذر مر، وعالم من ألف سطح. إلا أن أصغر يد، لا تستطيع أن تحطم باب الماء. إلى أين تذهبين؟ إلى أين؟ إلى أين؟ هناك سماء ذات آلاف النوافذ ـ عراك نحل داكن ـ وهناك جذر مر. مر. إنه يخرج بأخمص القدمين، أعماق الوجه، ويجرح أيضاً جذع الليل البارد، المقطوع للتو. يا حب ، يا عدوي، كيف يعض جذرك المر.
| |
|
أحساس مرهف المشرف العام
عدد الرسائل : 253 تاريخ التسجيل : 01/04/2008
| موضوع: رد: مختارات من شعر الشاعر المرهف فيديريكو جارسيا لوركـا الثلاثاء أبريل 29, 2008 8:10 pm | |
| غزالة الموت المظلم
أريد أن أنام نوم التفاح، وأن أبتعد عن جلبة المقابر، أريد أن أنام رقاد ذاك الطفل، الذي كان يريد أن ينتزع قلبه في عرض البحر. لا أريد أن يعيدوا علي، أن الأموات لا تفقد دمها ، وأن الشفاه المتعفنة تظل متعطشة للماء. لا أريد أن أعرف شيئاً عن العذاب الذي يعطيه العشب، ولا عن القمر ذي الفم الأفعواني . الذي ينشط قبل طلوع الفجر. أريد أن أغفو برهة، برهة ، دقيقة، دهراً، لكن ، ليعلم الجميع أني لست ميتاً، وأني أحمل بين شقتي إسطبلاً من ذهب، إني الصديق الصغير لريح الغرب، وإني الظل الكبير لدموعي. غطِّني ببرقعٍ فجراً، لأنه سيرميني بحفنات نمل، ويبلل بماء صلب حذائي ، حتى ينزلق فكا عقربه. لأني أريد أن أنام نوم التفاح، لأتعلم نحيباً يطهرني من التراب، لأني أريد أن أعيش مع ذاك الطفل المظلم، الذي كان يريد أن ينتزع قلبه في عرض البحر.
غزالة الهروب
ضعت مرات كثيرة في البحر، أذني مليئة بأزهار مقطوفة للتو، ولساني مليء بحجب وباحتضار. ضعت مرات كثيرة في البحر، كما أضيع في قلب بعض الأطفال.
ليس هناك من ليلة لا يشعر فيها المرء، بابتسامة أناس بلا وجوه،وهو يعطي قبلة، وليس هناك من أحد، ينسى الجماجم الجامدة، للأحصنة الميتة ،وهو يداعب وليداً.
لأن الورود تبحث في الجبين عن منظر قاسٍ لعظم، ليس لأيدي البشر اتجاه، غير تقليد الجذور في باطن الأرض.
كما أضيع في قلب بعض الأطفال، ضعت مرات عديدة البحر. جاهلاً للماء،أمضي مفتشاً عن موت من ضوء يفنيني.
قصيدة جريح المياه
أريد أن أهبط إلى البئر، أريد أن أتسلق جدران غرناطة، لأنظر إلى القلب المثقوب ، بمخرز المياه المظلم.
كان الطفل الجريح يئن، وتاجه من صقيع. كانت برك، جبب، وينابيع، تسل سيوفها في وجه الريح. أي، أي جنون حب ، أي خنجر جارح ، أي ضجيج ليلي، أي موت أبيض! أي صحارى ضوء، كانت تحفر رمال الفجر! كان الطفل وحده، والمدينة غافية في حنجرته. فوارة مياه آتية من الأحلام، تحميه من الجوع، والطحلب، كان الطفل واحتضاره، وجهاً لوجه، مطرين أخضرين متعانقين. كان الطفل يتمدد على الأرض، ويحدودب ظهر احتضاره.
أريد أن أهبط إلى البئر، أريد أن أموت موتي ، جرعة جرعة، أريد أن أملأ قلبي طحلباً، حتى أرى جريح المياه.
قصيدة البكاء
أغلقت شرفتي، لأني لا أريد أن أسمع البكاء إلا أن وراء الجدران الرمادية، لا يسمع شيء غير البكاء.
هناك ملائكة قليلة تغني، هناك كلاب قليلة تنبح، يسقط ألف كمان في راحة يدي.
لكن البكاء كلب ضخم، البكاء كمان ضخم، الدموع تكم فم الريح، ولا يسمع شيء غير البكاء.
قصيدة اليد المستحيلة
أنا لا أتمنى غير يد، يد جريحة ، لو أمكن ذلك. أنا لا أريد غير يد، حتى لو قضيت ألف ليلة بلا مضجع.
ستكون زنبقاً شاحباً من كلس، ستكون حمامة مربوطة بقلبي، ستكون حارساً في ليل احتضاري، يمنع بتاتاً القمر من الدخول.
أنا لا أتمنى شيئاً غير هذه اليد للزيوت اليومية، وشرشف احتضاري الأبيض . أنا لا أريد غير هذه اليد، لتسند جناحاً من موتي.
كل ما تبقى يمر تورد بلا اسم، كوكب أبدي دائم. كل الباقي شيء آخر مختلف: رياح حزينة. بينما تفر الأوراق أسراباً.
قصيدة الوردة
لم تكن الوردة تبحث عن الفجر: خالدة على غصنها تقريباً كانت تبحث عن شيء آخر
لم تكن الوردة تبحث عن علم ولا عن ظل : تخوم من لحم وحلم، كانت تبحث عن شيء آخر
لم تكن الوردة تبحث عن الوردة . جامدة عبر السماء، كانت تبحث عن شيء آخر.
| |
|